الخميس، 23 يوليو 2015
مدونة جشطالت #55 - - الفراغ الإبداعي
بيتينا تحدثت عن موضوع خوفها من موت زوجها - كان هنالك تاريخ في عائلته من الموت في صغر السن، وهنالك عرافة قالت لها انه من الممكن ان يموت، وكان دائما ما يسهر بالليل وينام متأخرا.
خلال حديثنا، تبين لي أن المشكلة أنه كان يهملها - يبقى بالخارج لأوقات متأخرة كل ليلة، ويشرب ويقامر مع أصدقائه، وعندما بعود للمنزل كان مزعجا وغير مبالياً، وكان يوقظها. كان يقضب وقتاً قليلا مع عائلته، وخسر أموال من مدخاراتهم على لعب القمار.
هذا الأمر كان يحدث من بداية زواجهما، عشرات السنين. في هذه الحالات العائلية التي تحتوي على فترات طويلة من الأذى والعنف، هنالك سبب مشترك لخلق هذه الديناميكية، وهي متعلقة بمحتوى وتفاصيل كل حالة.
في هذه المرحلة كانت غاضبة، ولكن لم يتكلموا مع بعضهم الا نادرا.
أشرت لها أنه مع شعورها بالألم اذا توفى فستشعر أيضا بالراحة في نفس الوقت. وافقت على ما قلته. في الجشطالت نحن نهتم بالجانبين المتعلقين بأي تناقض.
سألتها عما تريده مني - فأجابتني أنها ترغب ببعض التوجيهات التي ممكن أن تنفذها.
وذكرت أيضا أن والدها كان يمارس سلوكا مشابها - السهر بالخارج كثيرا، والقمار. هذا هو المؤشر المتعلق بهذه الحالة.
كان من الواضح أن هذا الوضع عميق وجدي ومتعب.
زوجها كان يثق ويتكلم مع اخته بالموضوع، وهي كانت تنتقد بيتينا.
أثناء حديثها عن ذلك، كانت تقرص بنفسها. فدعوتها لأن تقرص أخت زوجها وأن تضع وسادة أمامها. كانت مترددة جدا، وكانت تقرص نفسها بقوة أكبر. كنت ملحا قليلا - وأصريت عليها بأن تجرب الوسادة - وأشرت لها بأنها فقط وسادة ولن يكون هنالك أية عواقب. كان هذا صعبا عليها، ورغم ذلك فعلتها، وأدخلت أصابعها داخل الوسادة. هذا ما نسميه بـ"العكس على الذات" في علم الجشطالت - وهو أن تفعل بنفسك ما ترغب بفعله بالآخرين.
دعوتها للتكلم أيضا، ولكن أصبحت تقول بأن أخوته الآخرين يتدخلون أيضا ودوما ينتقدونها.
وبذلك أوقفت العملية. تبين أن العملية كانت متداخلة وتحتوي الكثير من الضعف، وخلية من الدعم، وتحتوي على تداخلات من الأنماط التي تدل على علاقة مؤذية وسيئة. هذه الحالة لن نتمكن من حلها بإعطاء ارشادات بسيطة مثل "فقط لاتفعل ذلك أو توقف". وحجم الدعم المطلوب لتخرج من هذه الحالة كان كبيرا ومن غير الواقعي أن يتم ذلك من خلال جلسة واحدة - من الضروري أن نعرف حدودناوحدود قدراتنا كمعالجين نفسيين، وأن لا نحاول فعل أشياء قد تعطي آمال خاطئة وأوهام.
وبالتالي قمت بزيادة وعيها بالذهاب للاتجاه الآخر. سألتها اذا كانت تفكر بأن جميع الرجال أنانيين، فأجابت بالنفي. وبعد ذلك شاركتها بأفكاري بأن الرجال فيهم بعض الأنانية. قالت لي "أن من أسمح بذلك". وبذلك كانت قد اعترفت بأن بعض المسؤولية تقع عليها، وبدون أن أواجهها بهذا الأمر.
نظرت اليها، وأخبرتها بأنني أراها كم هي غير سعيدة. كانت لحظة التقا. لم أكن اريد إنقاذها أو تصليح شيء من المشكلة - بقدر ما كنت أريد أن أرى لها حياة مختلفة.
جلست معها، في ذلك المكان. قمت بتسمية ما رأيته - وهي حالة كانت قد مرت بها والدتها. وهي حالة كانت تمر بها لعشرات السنين. وكانت تسوء أكثر فأكثر. زكانت عالقة بهذه الحالة رغم أنها تمتلك بعض المعلومات في علم النفس.
التركيز على الطبيعة الكئيبة للحالة كانت طريقة حتى لا نقلل من خطورة المشكلة. لم أعلق أو اقترح حلا او أحكم عليها، بل فقط سمعت واعترفت بالمشكلة والحالة. وبذلك رأيتها على حقيقتها وجليت بجانبها ونظرت لحقيقة مشكلتها وكيف الوضع الحقيقي في منزلها.
هذا ما ندعوه في علم الجشطالت بـ"الجلوس مع الفراغ الابداعي". لا يبدو هذا بأنه ابداع، ولكن بالجلوس معه بدون الوقوع فيه أو الهروب منه هنالك شيء آخر ممكن أن يظهر.
قالت "لقد توفقنا عن التكلم مع بعضنا، وهذا شيء يدعو للراحة". لقد تفهمت الأمر - وأشرت لها بأنه فعلا زواجها قد إنتهى. اذن ماذا سيحدث الآن؟
سألتها ما باعتقادها نسبة الأمل في تغير وضعها. كنت اتوقع ان تكون نسبة قليلة جدا فلو قالت ان النسبة هي "صفر" فسأساعدها بكيفية الخروج من زواجها.
ولكن فاجأتني وقالت 15% . هذا أظهر لي بأن هنالك أمل بأن الأمور قد تتغير.
فسألتها ماذا يتضمن هذا التغير من أمور يجب أن تفعلها- هنا سنذكر الحلول التي من الممكن عملها.
أخبرتني أنه بإمكانها ايجاد طرق جديدة لكي تكون سعيدة. هذا كان جوابا جيدا - كان حلاً داخليا ممكن أن نبدأ به.
عندما طلبت منها المزيد من الأفكار، أجابت بأنها من الممكن أن تركز أكثر على الأطفال، ولكن أخبرتها بأن هذا الحل قد قامت به سابقا للتعامل والتكيف مع زواجها.
لقد حدَدَت طرقا أخرى لتجعل نفسها أسعد في حياتها. ولكن أردت أكثر من ذلك منها - بعض الحلول الهادفة التيي ممكن أن تتخذها لتغيير هذه العلاقة الزوجية.
قالت لي بأنه اشتكى من أنها لم تعد تجهز لها الافطار كالسابق. ولذلك، كان واضحا أنه كان يريد بعض الاهتمام منها وافتقد ذلك.
فسألتها عن ماذا تريد من زوجها مقابل تجهيزها للفطور. قالت لي، "تواجده مع عائلته". تبين لي أنها بداية جيدة - ليست بطلب حميم جدا، ولكن اشارة لشيء مختلف. فسألتها أن تحدد كم من الوقت تريد من زوجها أن يكون من عائلته وكم من المرات. وبذلك اقترحت عليها أن تقوم بتحضير الافطار له بهذا العدد من المرات.
لقد حددت لها بأنها اذا ارادت أن تكون علاقة جديدة من لا شيء فسيأخذ ذلك عدة سنوات، وستحتاج قدرا كبيرا من الدعم خلال هذه العملية.
في علم "الجشطالت"، نحن نكون مكتفيين بتكوين جزء جديد من العلاقة شياءً فشياءً.
في هذه الحالة، كان هذا الشيء قد ظهر من الفراغ، وكان كله بسببها ومن دون أن ادعوها لعمل شيء محدد. ارشادي لها كان فقط لتوجيه انتباهها ل"ما الذي يحصل" وبعد ذلك لمساعدتها لأن تتوصل لما يمكنها أن تفعله ضمن قدراتها.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق