الجمعة، 17 أبريل 2015
مدونة جيشتالت # 43 --- صوت الأم السام
تركت تريزا وظيفتها الآمنة من أجل أن تبدأ مشروعها الخاص وكان مبررها لذلك أنها تحب التحدي .
ولكنها واجهت القلق لكثير من الأوقات خاصة عندما عرفت أن شيئا ما سيفشل ولكن عندما اقتربت من النجاح كانت تشعر بالقلق حتى أصبح النجاح مضمون بالكامل وانعكس القلق على حياتها الشخصية .
لم تفهم من أين يأتي القلق ولم تعرف كيف يجب أن تتعامل مع القلق.
رأيت أن الوضع يتعلق بالتحكم والسيطرة حيث تحتاج دائما للشعور بالتحكم وبأن الأشياء تمضي كما أرادت وبسؤالها عن محيطها العائلي تبين لي أن أمها أيضا كانت تهتم كثيرا بالتحكم والسيطرة .
عندما كنا نتحدث عن ذلك لاحظت أنها أصيبت بصداع فتأكدت بأن أمها كانت في عقلها فطلبت منا أن تخرجها على الوسادة وأن تتحدث إليها وكانت ذلك هي الطريقة التقليدية لجيشتالت عن طريق تكوين أحاديث تخيلية نقدية .
طلبت منها أن تسأل أمها سؤالا ثم تتبادل المواقع معها بحيث تجلس في مكان أمها وترد على السؤال.
صدمت من ردود أمها حيث قالت لها أنها قبيحة على عكس أختها الجميلة وأنها لم ترد أن تنجب أطفال ولكن حدث ذلك على سبيل أداء الواجب كما تمنت أن يكون لها ولد بدلا من تريزا .
لم تكن مجرد أم سيئة ولكنها استحقت بجدارة لقب الأم السامة التي لا تستحق حتى الحديث معها .
اقترحت أن تتوقف الأم عن الحديث مع تريزا على أن أقوم أنا بمحاورتها في محاولة لفهم أكبر لها .
عندما قمت بمحاورة أمها أعطتني المزيد من الإجابات المثيرة التي أكدت التشخيص السابق لها فهي اعتبرت أن تريزا عبئا عليها حيث تهتم الأم بالأطفال فقط حتى يجعلوها تظهر بشكل جيد فمنذ أن حققت تريزا نجاحا ماليا لم تعد أمها تتضايق منها .
الآن من الممكن أن تقول لي أن كل ذلك من تخيل تريزا ولكني أقول بأن كل العبارات التي استخدمتها الأم في حوارها مع تريزا هي عبارات حقيقية استخدمتها مع تريزا من قبل .
لكن القضية هنا ليست دراسة شخصية الأم فبالطبع هي لها مشاكلها ورؤيتها ولكن أسلوبها في التقليل من شأن الطفل هو أسلوب سام ومريض حيث يؤدي إلى نقص الثقة في النفس وهو ما أدى إلى خوف وارتباك تريزا .
لذلك دعوتها إلى التحدث مع أمها بحيث تضع هذه المرة أمامها الحدود التي يجب ألا تتعداها فبدأت تريزا حديثها قائلة " من فضلك لا تفعلي...." ولكني قاطعتها حيث أن كلامها مبني على قيام أمها بشيء ما وذلك غير محتمل الآن .
طلبت منها أن تعيد صياغة كلامها لتوضيح حدودها في صيغة " أنا لن أقبل أن تفعلي ...." فذلك يضع الحدود بشكل أوضح وذلك مهم في طريقة جيشتالت .
استمرت في صياغة المزيد من هذه العبارات التي كان لها تأثير كبير حيث منحتها القوة غير أنها احتاجت مني بعض المساعدة في صياغتها .
بعد ذلك شعرت تريزا بالمزيد من الاستقرار حيث بات واضحا لها ما تحتاج إلى فعله من أجل إسكات صوت أمها في رأسها وبالتالي إبطال قدرته على تقليل ثقتها في نفسها .
تضمن ذلك استخدام طريقة جيشتالت الكلاسيكية وذلك عن طريق استحضار حوار محبوس في داخل العقل وجعله مفتوحا مرة أخرى بحيث نستطيع توفير الدعم اللازم لتحريك ذلك الموقف القديم .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق