الأربعاء، 29 أبريل 2015
مدونة جيشتالت # 45 – كيف تتعامل مع البؤس
أرادت بيتي أن تتحدث عن خوفها غير أنها لم تكن تعرف مصدر خوفها أو حتى ما يتعلق به.
قبل أن استغرق في تفاصيل المشكلة حاولت أن أعرف المزيد عنها فسألتها عن طفولتها وعن زواجها وعن عملها فعرفت أنها استقالت مؤخرا من عملها الذي استمرت فيه لمدة 20 عام وهي تقضي فترة انتقالية الآن .أما حياتها العائلية فكانت مستقرة وآمنة فلها ابنة جميلة وموهوبة ولها زوج يحبها .
ولكن بالنظر إليها وجدتها لا تبدو سعيدة وبسؤالها عما إذا كانت سعيدة فأجابت بلا فكل الناس يظنون أنها سعيدة وتمتلك حياة رائعة وعائلة ممتازة فلماذا لا تكن سعيدة ؟!
قالت أن زوجها يحبها أكثر مما تحبه فهي تشعر بالأمان معه غير أن زواجهما كان زواجا تقليديا فهي ترى أنه ليس من النوع الذي تفضله وبسؤالها عن النوع الذي تفضله قالت أنها تحب أن يكون الرجل صاحب شخصية قوية ورؤية واضحة للحياة وتزوق جيد . أما زوجها فلم يكن له أيا من ذلك .
تأثرت لذلك كثيرا فبالرغم من امتلاكها لكل عناصر الحياة الممتازة إلا أن شيئا مهمّا ينقصها واستطعت بالنظر في عينيها مرة أخرى أن أدرك أنها بائسة . سألتها عن عمرها فقالت 44 ثم سألتها إن كانت ستقضي الـ 44 عام القادمة مع زوجها فأجابت بنعم .
كان واضحا أنها اختارت أن تستمر في العلاقة ولكنها تتحمل تكلفة ذلك على حساب شيء أساسي في الاتصال في العلاقة فهي تتنازل عن الاحتياج الضروري للعاطفة والالتقاء والتكامل فهي امتلك حياة عائلية مستقرة وسعيدة ظاهريا بينما في الواقع هي ينقصها إشباع احتياجات ضرورية وجوهرية .
نهتم في جيشتالت بالاختيار وذلك في هيئة مفاهيم موجودة حيث تضعنا الحياة عادة في مواقف مختلفة ولكننا دائما نمتلك الخيارات أما إحساسنا بالسجن والإجبار فلا يأتي من الظروف الخارجية ولكنه يأتي نتيجة نسيان اللحظة والتفكير في الاختيارات .
ويصاحب الاختيار عادة العديد من النتائج التي علينا تحمل مسؤوليتها بدلا من لوم الآخرين أو قضاء الباقي من العمر نتمنى ألا تكون هذه اختياراتنا وألا يكون علينا أن نختار .
وكان ذلك ما واجهته بيتي حيث كانت اختياراتها واضحة بنفس درجة وضوح النتائج ولكنها كانت بائسة وإذا أرادت أن تغير ما هي عليه حياتها فابد أن تغير أشياء أخرى .
لكن هذه المرة الخيارات التي توفرت كانت تختلف عن الأسلوب الذي تختار به بيتي اختياراتها .
قضيت بعض الوقت معها لمجرد أن أكون معها حيث أنظر إلى معاناتها وأحاول تعريفها بدقة وهذا يسمي بالمساحة داخل العلاقات حيث ليس بالضرورة أن يتغير شيء أو أن يكون هناك خطة للتغيير ولكن التركيز يكون فقط على التواجد مع العميل وتمييزه وهذا ما يعرف بال " I-Thou "
بعد ذلك تساءلت عما يمكن فعله وبهذا السؤال ربما تظن أنني أمتلك بداخله حلول للموقف ولكن في الحقيقة هذا غير صحيح ولكن بعد طرح السؤال أصبحنا في مساحة واحدة داخل العلاقة ونشعر بالمشكلة سويا مما جعلنا نستطيع استكشاف حلول واختيارات جديدة .
سألتها إذا كانت تحدثت مع زوجها من قبل عن مشكلتها مثلما تحدثت معي فقالت " لا " . لجأت لضرب مثال من حياتي الخاصة عندما أفصحت لي شريكتي عن شيء يجعلها بائسة بالنسبة لي ز كلامها مع زوجها قد يؤدي إلى بداية التغيير حيث يكون حبه لها دافع لذلك .
قلت لها أن زوجها لا يمكنه أن يكون من النوع الذي تفضله ولكنه يستطيع أخذ خطوات ايجابية في هذا الاتجاه ولكن حتى يحدث ذلك عليها أن تصارحه أولا لذلك فإن الكرة في ملعبها والتحدي الحقيقي هو قدرتها على التحرك نحو تحقيق نتائج ايجابية عن طريق التعبير له عن احتياجاتها .
اقترحت عليها أن تبدأ معه الطريق إلى الحل بأن ينظر إلى عينيها لمدة 10 دقائق بدون كلام حتى يرى معاناتها وبعدها تستطيع أن تعبر له عن التغييرات التي تتمنى منه أن يصنعها في شخصيته وتؤكد له أن ذلك سيكون مؤثر جدا عليها .
ولكن لن يكون ذلك بالضرورة الحل لتعاستها حيث أن مشكلتها هي أنها في موقف عدم تحقيق لاحتياجاتها لذلك اقترحت عليها أن تحاول بجدية استكشاف قدرتها على الإبداع عن طريق بعض الممارسة الروحية وبذلك قد تستطيع الوصول إلى أساس السعادة المرجوة التي بالطبع لا تعتمد على بيئتها المحيطة فقط .
نحن في طريقة جيشتالت لا نبحث عن تلك الحلول الجذرية التي تحل كل شيء ولكن نبحث في المقابل عن التلامس مع المشكلة الداخلية للفرد حيث يؤدي ذلك إلى نتائج ايجابية جدا ونتحمس للتحرك في هذا الاتجاه أما إذا كان هناك اهتمام لذلك فنلجأ إلى مساعدة العميل عمليا عن طريق تقديم الدعم في صورة محادثة لمحاولة التوصل إلى كيفية الحل والخيارات المتاحة .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق